بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 يناير 2012

التوافقية والكورة الشراب

التوافقية وقانون الكورة الشراب
في لعبة الكرة الشراب قوانين تختلف عن تلك التي يعرفها بلاتر ومن معه من أساطين الفيفا ، فعندنا الجون أي حارس المرمى ممكن أن يلعب مهاجم وعندنا لا يحتسب الفاول ولمسة اليد إلا بإجماع الفريقين وذلك لأن حكم المباراة يكون أحد لاعبي الفريقين أو لا يوجد حكم أصلا ، كل ذلك وأكثر تجده في الساحة السياسية المصرية ، فالديمقراطية وقوانينها في العالم غير الديمقراطية في مصر فنحن نعتمد ديمقراطية الكرة الشراب فلا ينبغي لقانون أو اختيار الا برضى الفرق مجتمعة وإلا فستجد من ينوح ويصيح ويلطم الخدود ويشق البدل ويقطع الكرفتات على عودة فساد المنحل وديكتاتوريته
قوانين الكرة الشراب اعتمدها أصحاب نظرية التوافقية الخلاقة فمثلا يحصل حزب الحرية والعدالة على 47% ويكون رئيس المجلس من حزب آخر حاصل علي 2 % وإلا فيكون الحرية والعدالة ظالماً جباراً لا يحترم رأي الأغلبية وينادي الاخرون بالتوافق على قيادات البلد للمرحلة القادمة حتى نخرج من سيطرة التيار الواحد الذي أخطا الشعب الساذج وانتخبه باغلبية وبلانا به – منه لله شعب مابيتمرش فيه التوك شو والسهر في الفضائيات للصبح-
أعتقد أن التوافق يكون في مرحلة ما قبل الانتخابات مقبولاً حيث الجميع متساويين أمام الناس وكل حزب يدعي أنه يمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً حتى وان لم يكن عدد اعضائه قد تجاوز المئة الأولى بعد الثلاثة آلاف المؤسسين ، لكن بعد الانتخابات لا صوت يعلو فوق صوت الصندوق ، اختار الناس ولا بد من احترام اختياراتهم ، الخاسرون والاقليات البرلمانية تريد الالتفاف على إرادة الجماهير ليحقق أغراضا في نفسه تحت مسمى لا عودة لسيطرة الحزب الواحد وهي كلمة حق يراد به باطل وكأن سيطرة حزب واحد بدعة جديدة في الديمقراطية ألم يسيطر من جاء بالانتخاب الحر على مقدرات ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وتركيا وكل الديمقراطيات المحترمة ، هل يتساوى الحزب المنحل الغاصب لكل شيئ بقوة التزوير وغشم الداخلية بمن نجح في الحصول على الأغلبية الحقيقية بنسبة كبيرة لا يستويان أبدا
الأعجب من ذلك أنك تجد من الاعلاميين من يساند اتجاه التوافقية الخلاقة فتجد عنواناً رئيسيا لجريدة ما يقول اختيار رئيس محلس الشعب والوكيلين في غياب ثمانية أحزاب وغفل محرر الخبر عن ان الاختيار كان لستة أحزاب تمثل أكثر من 85 % من البرلمان كما ان الثمانية أحزاب الغائبة لا تمثل عشرة بالمائة من البرلمان ، وكذلك برامج التوك شو يستضيف أحدهم من يصرخ متشنجاً متسائلاً كيف لحزب واحد واحد أن يفرض رأيه على 40 حزباً ثم يعلنها عنترية قوية أنا لن أرضخ ولن اخاف من الأغلبية فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله وتشعر كأنه من مستضعفي الصحابة في مكة
التوافق بالطريقة المطروحة لا توجد سوى في لبنان والعراق وكانت نتائجه كارثية نتج عنه انقسام وطائفية غير محدودة ، إن من ينادي بالتوافقية
هو محتقر لإرادة الشعب ، كما أنه يطفف في الكيل ويكيل بمئة مكيال
يلمز الناجحين في الانتخابات في الأصوات والمقاعد فان أعطى منها رضى وإن لم يعطى يطلب التوافقية حتى يحصل بالباطل على ما لم يحصل عليه بالشرعية
إن الناخب لن يسأل نائبه عن التوافقية ولكن سيسأله في ختام الدورة البرلمانية عن ماذا أنجز ولن يهتم بحسابات الهندسة الفراغية للتوافقيين وغيرهم
سؤال اخير لو أن حزب الوسط أو المصريين الأحرار هو من فاز ب 47 % من المقاعد
هل كان سيعمل بالتوافق ؟؟
هل كان سيتخلى لرئاسة البرلمان واغلب اللجان لغيره من الأحزاب؟؟؟
وهل كان سيتهم الناخبين بالسذاجة وانهم انضحك عليهم بالشعارات؟؟
وهل كان البرلمان وقتها سيكون معبراً عن الشعب أم لا ؟؟
أيها السادة دعونا من الكلام وهيا إلى العمل ، هيا نرتب البيت المصري من الداخل ، نهتم بالأجور بالصحة بالطرق بالتعليم فمشاكلنا كثيرة تحتاج لجهود كبيرة متضافرة لا نريد أن نسمع ضجيجاً ولا نرى طحينا
واخيراً
من يحب مصر فليحترم اختيار شعبها وليصبر على مشاكلها
من السهل أن تكون معارضاً جسوراً لا يشق لك غبار، ولكن ما أصعب أن تتحمل المسئولية
محمد شعبان
باحث اجتماعي

السبت، 28 يناير 2012

صانع الثورة ومفجرها
منذ فجر الثورة المباركة في 25 يناير 2011 وتتابع أحداثها وانتصاراتها ومليونياتها والجميع يدور في ذهنه هذا السؤال
كيف متى من
إن الثورات تقوم إما بتخطيط من قبل أفراد لهم قوة ووضعية تسمح لهم بذلك كثورة يوليو التي دبر وخطط لها الضباط الأحرار وكان لها قادة معروفين ثم ساندها الشعب ليتخلص من نظام لم يرض عنه ، أو ثورة شعبية تبدأ باحتجاجات ثم تكبر حتى تكون ثورة تطيح بالنظام القائم كله كثورة المصريين على حكم خورشيد باشا وتولية محمد على حكم مصر 1805 ، وثورة 25 يناير المباركة والتي منذ بدايتها حتى الان نسمع يوميا طوال ال365 يوم التي هي عمر الثورة زعماء ومفجرين وقادة ينسبون جميعا الفضل لأنفسهم المتواضعة وجهودهم الكريمة الفضل في تفجير الثورة تارة بما قدموه من معارضة شرسة للنظام السابق أو قيادة للميدان وجهودهم الجبارة في زحزحة وخلع المخلوع غير مأسوف عليه ، حتى وصل الأمر لائتلافات عديدة وأحزاب كثيرة وكله ابن الثورة أو أبوها في بعض الأحيان ووصل الأمر ان بعض هؤلاء الشباب صارا يهاجمون بعضهم بعضا وسمعت في أحد برامج التوك شو في قناة ولدت بعد الثورة كان من ضمن الضيوف قائد أحد الائتلافات واتصل بهم قائد آخر منفعلا على كلام القائد الضيف وأكد القائد المتصل أن ائتلافه يضم عدداً هائلاً من الشباب تحت اسم كذا فاذا بالقائد الضيف يعلن أنه لا يعلم عنهم شيئاً ولم يسمع بهم ولا بائتلافهم من قبل فانفجر القائد المتصل غضبا وأرغى وأزبد واتهم القائد الضيف بالعمالة لأمن الدولة السابق فاتهمه الآخر بالعمالة للفلول والمجلس العسكري معاً وصارت خناقة وقطع الاتصال ، بعد هذا الموقف المشين والذي من المؤكد انه لا يمثل الثوار ولا الثورة جاء هذا السؤال الطبيعي من هو صاحب الثورة وصانعها ؟؟؟
وانتبه لا تقل لي الشعب فهي كلمة مطاطة وإن من الشعب
وأيضا لا تقل الشباب فهي كلمة عنصرية اختصرت الثورة في قائدها وهم الشباب ولقد رأينا في الميدان كهولا وشيوخا معتصمين
ليس للثورة صانع بل صناع لا ننكر أدوارهم وجهودهم ، إن الثورة قامت ضد الحكم العسكري الجاثم على صدور البلاد من 1952 حتى الان فهو نظام قمع الحريات والغى تداول السلطة ونهب رجاله خيرات مصر وتاجروا باسمها وأفسدوا فيها ، فصناع الثورة هم من عارض فساد النظام وديكتاتوريته طوال الستين عاما الماضية فكيف لا نقول ان إبراهيم شكري أو فؤاد سراج الدين أو عمر التلمساني أو أحمد نبيل الهلالي وأيمن نور ومحمد البرادعي الذي أعلنا تحديهما للديكتاتورية بترشحهما للرئاسة وغيرهم جميعا ممن دعا للثورة وحرض عليها.
كيف ننسى أحداثاً ألهبت مشاعر الناس وحرضتهم على الثورة مثل فساد الحزب الوطني وظلم مراكز القوى و أحداث الأمن المركزي ومشكلة شركات توظيف الأموال وتزوير الانتخابات لعقود وقطار الصعيد وعبارة السلام كلها أحداث شحنت نفوس الناس ، كيف ننكر أدوار مصريين وطنيين شرفاء قد لانعرف أسمائهم ممن رفضوا الرشوة والفساد بل فضحوا أصحابها فمن موظفة وزارة الصحة التي كشفت أكياس الدم الملوثة إلى من كشف فساد صفقة بيع شركة عمر أفندي إلى سليمان خاطر وأيمن حسن وكل من قام بدور يرضي به ربه حباً لوطنه وخوفا عليه .
ولا ننسى قافلة الشهداء التي ضحوا بأرواحهم لنحيا حياة حرة كريمة والتي لم تنته بخالد سعيد وشهداء موقعة الجمل وغيرها وإنما بدأت من شهداء محاكمات 1954 المستشار عبد القادر عودة ورفاقه واستمرت قافلة الشهداء بين محكوم عليه بالإعدام وبين من ارتفع شهيداً تحت سياط التعذيب مثل عبد الحارث مدني وسيد بلال وأكرم زهيري وخالد سعيد
كل هؤلاء قادة الثورة ومفجروها وزعمائها ، ونفذها شباب مصر الطاهر وشيوخه الكرام ورجاله الميامين ونسائه الحرائر فمن العيب والمغالطة ان يأتي مدع ويسأل متى كان للأحزاب صوت أو متى كان للإخوان دور ، فكل مصر تسعى للتحرر من الديكتاتورية منذ بداية الديكتاتورية إلى قيام الثورة فلم يستسلم الشعب لجلاده يوماً وإن بدا خانعاً في معظمه فلم يعدم معارضين شرفاء أقوياء على اختلاف التوجهات من أقصى اليمين لأقصى اليسار رفضوا الرشاوي السياسية لإثنائهم عن مواقفهم الثابتة أو زعزعتهم عن أراءهم الحرة في مقاومة الظلم والطغيان ، إن إنكار دور الوطنية المصرية في مواجهة الديكتاتور واختصارها في ثورة 25 يناير والجيل الذي قام بها جريمة في حق دماء الشهداء وتضحية المخلصين من الأجيال السابقة لجيل الثورة كما انه تكرار لخطيئة قام بها جيل ثورة يوليو حين اختصروا التاريخ المصري وزعمائه في ثورة يوليو وجمال عبد الناصر .
واخيراً ......
إن ادعاء صناعة الثورة وتفجيرها لشخص أو جيل بعينه لهو إدعاء كاذب يفتقر للأدب والتاريخ بل هي ثمرة جهود قوية منظمة مخلصة استمرت ستون عاماً كانت ثمرتها هذه الثورة المباركة
الوريث الشرعي للحزب الوطني
في يوم يعد من أيامنا الوطنية الرائعة التي لا تقل مهابة وجلالً عن أيام التحرير الثمانية عشر ، بدأ البرلمان المنتخب الحر أولى جلساته في الثالث والعشرون من يناير وكان بالفعل عرسأ ديمقراطيا وكان اعظم ثمار الثورة المصرية أن يجلس تحت قبة البرلمان ممثلون حقيقيون للأمة من خلال اختيار حر وشريف ، وبغض النظر عن ما جرى في الجلسة من مشادات ومحاولة البعض استغلال الحشد الإعلامي للموقف وكثرة الكاميرات لعمل شو اعلامي بمواقف ما أنزل الله بها من سلطان ، تردد على ألسنة البعض كلمة وريث الحزب الوطني واشتكي البعض من تسلط الأغلبية على الأقلية وكان لا بد من وقفه نحدد فيها من هو الوريث
ليس الوريث من جلس على نفس الكرسي فليس من المعقول تشبيه الدكتور الكتاتني الذي جاء بانتخاب حر من رحم الشارع السياسي النظيف كسلفه الذي جاء بقهر أمن الدولة وبطش الحزب المنحل ليقر مايريده المخلوع وعصابته
الوريث الحقيقي هو من يعمل بنفس الأسلوب الديكتاتوري الإقصائي التعسفي التخويني
من يرفض اختيار الشعب إذا جاء بغيره فهو الوريث
من يأبى التوافق الوطني إلا لمصلحته فهو الوريث
من يستبد برأيه ويصر عليه دون الالتفات لرأي الغير فهو الوريث
من يدعي الوطنية والثورية دونما عمل فهو الوريث
من لا يجيد إلا المعارضة الكلامية دون برامج وحلول عملية فهو الوريث
من يلوى عنق الحقيقة بل يقصمها وينكر دور الآخرين فهو الوريث
من لا يرى إلا نفسه ورأيه فهو الوريث
إن أبسط قواعد الحياة السليمة أن نحتكم لشيئ في حياتنا أياً كان هذا الشيئ بداية من القرآن الكريم والشريعة الاسلامية انتهاء بقانون عباد البقر فلا تصلح الحياة إلا بضابط وكلنا ارتضينا لحياتنا الجديدة حكم الشعب الحر واختار نوابه وممثليه فانقلب البعض صاغرا مرغيا ومزبدا ، فمنهم من قال أن المجلس بلا صلاحيات ، ومنهم من قال أن الشعب طيب ومن السهل خداعه ومنهم من قال تزوير ومنهم من قال انتخابات حرة لكن المجلس لا يعبر عن طبيعة الشعب وتوازنه نظراً لأن نسبة اللحى في المجلس أكبر من نسبة اللحى في الشارع ولا أدري لأي نظرية سياسية ارتكن هؤلاء .
وأخيراً
إن وراثة الحزب الوطني ليست في وراثة الأغلبية وليست في وراثة الكراسي ولكن في طريقة إدارة الأمور والتعامل مع الآخر
محمد شعبان