صانع الثورة ومفجرها
منذ فجر الثورة المباركة في 25 يناير 2011 وتتابع أحداثها وانتصاراتها ومليونياتها والجميع يدور في ذهنه هذا السؤال
كيف متى من
إن الثورات تقوم إما بتخطيط من قبل أفراد لهم قوة ووضعية تسمح لهم بذلك كثورة يوليو التي دبر وخطط لها الضباط الأحرار وكان لها قادة معروفين ثم ساندها الشعب ليتخلص من نظام لم يرض عنه ، أو ثورة شعبية تبدأ باحتجاجات ثم تكبر حتى تكون ثورة تطيح بالنظام القائم كله كثورة المصريين على حكم خورشيد باشا وتولية محمد على حكم مصر 1805 ، وثورة 25 يناير المباركة والتي منذ بدايتها حتى الان نسمع يوميا طوال ال365 يوم التي هي عمر الثورة زعماء ومفجرين وقادة ينسبون جميعا الفضل لأنفسهم المتواضعة وجهودهم الكريمة الفضل في تفجير الثورة تارة بما قدموه من معارضة شرسة للنظام السابق أو قيادة للميدان وجهودهم الجبارة في زحزحة وخلع المخلوع غير مأسوف عليه ، حتى وصل الأمر لائتلافات عديدة وأحزاب كثيرة وكله ابن الثورة أو أبوها في بعض الأحيان ووصل الأمر ان بعض هؤلاء الشباب صارا يهاجمون بعضهم بعضا وسمعت في أحد برامج التوك شو في قناة ولدت بعد الثورة كان من ضمن الضيوف قائد أحد الائتلافات واتصل بهم قائد آخر منفعلا على كلام القائد الضيف وأكد القائد المتصل أن ائتلافه يضم عدداً هائلاً من الشباب تحت اسم كذا فاذا بالقائد الضيف يعلن أنه لا يعلم عنهم شيئاً ولم يسمع بهم ولا بائتلافهم من قبل فانفجر القائد المتصل غضبا وأرغى وأزبد واتهم القائد الضيف بالعمالة لأمن الدولة السابق فاتهمه الآخر بالعمالة للفلول والمجلس العسكري معاً وصارت خناقة وقطع الاتصال ، بعد هذا الموقف المشين والذي من المؤكد انه لا يمثل الثوار ولا الثورة جاء هذا السؤال الطبيعي من هو صاحب الثورة وصانعها ؟؟؟
وانتبه لا تقل لي الشعب فهي كلمة مطاطة وإن من الشعب
وأيضا لا تقل الشباب فهي كلمة عنصرية اختصرت الثورة في قائدها وهم الشباب ولقد رأينا في الميدان كهولا وشيوخا معتصمين
ليس للثورة صانع بل صناع لا ننكر أدوارهم وجهودهم ، إن الثورة قامت ضد الحكم العسكري الجاثم على صدور البلاد من 1952 حتى الان فهو نظام قمع الحريات والغى تداول السلطة ونهب رجاله خيرات مصر وتاجروا باسمها وأفسدوا فيها ، فصناع الثورة هم من عارض فساد النظام وديكتاتوريته طوال الستين عاما الماضية فكيف لا نقول ان إبراهيم شكري أو فؤاد سراج الدين أو عمر التلمساني أو أحمد نبيل الهلالي وأيمن نور ومحمد البرادعي الذي أعلنا تحديهما للديكتاتورية بترشحهما للرئاسة وغيرهم جميعا ممن دعا للثورة وحرض عليها.
كيف ننسى أحداثاً ألهبت مشاعر الناس وحرضتهم على الثورة مثل فساد الحزب الوطني وظلم مراكز القوى و أحداث الأمن المركزي ومشكلة شركات توظيف الأموال وتزوير الانتخابات لعقود وقطار الصعيد وعبارة السلام كلها أحداث شحنت نفوس الناس ، كيف ننكر أدوار مصريين وطنيين شرفاء قد لانعرف أسمائهم ممن رفضوا الرشوة والفساد بل فضحوا أصحابها فمن موظفة وزارة الصحة التي كشفت أكياس الدم الملوثة إلى من كشف فساد صفقة بيع شركة عمر أفندي إلى سليمان خاطر وأيمن حسن وكل من قام بدور يرضي به ربه حباً لوطنه وخوفا عليه .
ولا ننسى قافلة الشهداء التي ضحوا بأرواحهم لنحيا حياة حرة كريمة والتي لم تنته بخالد سعيد وشهداء موقعة الجمل وغيرها وإنما بدأت من شهداء محاكمات 1954 المستشار عبد القادر عودة ورفاقه واستمرت قافلة الشهداء بين محكوم عليه بالإعدام وبين من ارتفع شهيداً تحت سياط التعذيب مثل عبد الحارث مدني وسيد بلال وأكرم زهيري وخالد سعيد
كل هؤلاء قادة الثورة ومفجروها وزعمائها ، ونفذها شباب مصر الطاهر وشيوخه الكرام ورجاله الميامين ونسائه الحرائر فمن العيب والمغالطة ان يأتي مدع ويسأل متى كان للأحزاب صوت أو متى كان للإخوان دور ، فكل مصر تسعى للتحرر من الديكتاتورية منذ بداية الديكتاتورية إلى قيام الثورة فلم يستسلم الشعب لجلاده يوماً وإن بدا خانعاً في معظمه فلم يعدم معارضين شرفاء أقوياء على اختلاف التوجهات من أقصى اليمين لأقصى اليسار رفضوا الرشاوي السياسية لإثنائهم عن مواقفهم الثابتة أو زعزعتهم عن أراءهم الحرة في مقاومة الظلم والطغيان ، إن إنكار دور الوطنية المصرية في مواجهة الديكتاتور واختصارها في ثورة 25 يناير والجيل الذي قام بها جريمة في حق دماء الشهداء وتضحية المخلصين من الأجيال السابقة لجيل الثورة كما انه تكرار لخطيئة قام بها جيل ثورة يوليو حين اختصروا التاريخ المصري وزعمائه في ثورة يوليو وجمال عبد الناصر .
واخيراً ......
إن ادعاء صناعة الثورة وتفجيرها لشخص أو جيل بعينه لهو إدعاء كاذب يفتقر للأدب والتاريخ بل هي ثمرة جهود قوية منظمة مخلصة استمرت ستون عاماً كانت ثمرتها هذه الثورة المباركة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق