بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 فبراير 2012

الكائنات الفضائية وفن صناعة الازمات
محمد شعبان
قديما قالوا العند يورث الكفر ، لأن من يعاند لا يرى إلا نفسه ويرى العالم وقد تمثل في عقله فالحكمة هي ما يقول والصواب المطلق هو ما يراه وإصراره على رأيه قوة شخصية وثبات على الحق وما يحيق به من مشكلات هي ابتلاء واختبار للحق الذي يحمله ، والأدهى من ذلك أن يشاركه آخرون في هذا العناد فيشد بعضهم من أزر بعض ويزينون لأنفسهم ما يفعلون سواء كان هذا الفعل صحيحاً أم خطأ ويتضح لنا كل يوم أننا عباقرة وبامتياز في اختلاق الازمات سواء كانت صغيرة أو كبيرة وكأننا نميل إلى الانقسام بالفطرة فأجدادنا من رواد المقاهي الشعبية في زمن ما قبل المذياع كانوا منقسمين بين أبو زيد الهلالي سلامة وغريمه دياب بن غانم والشاعر المسكين أبو ربابة ينصر أبو زيد في ليلة ويهزمه في ليلة أخرى إرضاء للطرفين وتجنبا لضربه هو شخصيا ، ثم تطورت الأمور وورث آباؤنا عقدة الانقسام فانقسموا بين الأهلي والزمالك ، وكانت الحكومات المستبدة ولا تزال تغذي هذه الروح وتعمل على تشجيعها
وبعد أن من الله علينا بالثورة الفتية المباركة التي قدرها الله على أيدي الشعب كله بقيادة شبابه ، لم ينس البعض عقدة الانقسام فوجدنا عشرات الائتلافات الشبابية المنبثقة عن الثورة كما وجدنا اثنيات الازمات مثل
نعم للإعلان الدستوري ام لا
الدستور أولا أم الانتخابات أولا
حق الشهداء أم إجراء الانتخابات
شرعية البرلمان أم شرعية الميدان
المجلس العسكري قديس أم إبليس
الرئيس القادم بالاتفاق أم بالانتخاب
فعند اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي طالما انتظرها الناس جاءت أزمة اقتحام الداخلية وما يعرف بأحداث محمد محمود ، وحينما انتهت الانتخابات على خير وكانت فخرا للشعب كله ظهرت أزمة شرعية الميدان أم شرعية البرلمان ومحاولة البعض اقتحام مجلس الشعب ، وفي الوقت الذي ينادي عقلاء مصر بإعادة هيكلة الداخلية تجد أزمة لحية الضباط وسب العليمي للمشير وبكري للبرادعي
وفي الوقت الذي ينادي فيه الجميع بالعمل والانتاج تجد أزمة الاضراب والعصيان المدني وغيرها الكثير من الازمات الفرعية
ان السبب الرئيسي في هذه الازمات هي انتماء البعض لسلالات فضائية تستوطن مدينة الانتاج الإعلامي تتغذى على الكاميرات وتترعرع تحت أضواء الاستوديو عملهم الاصلي افتعال الأزمات واختراع المشاكل ومن ثم تجد الآلة الإعلامية الفضائية الموجهة تتلقف هذه الكائنات الفضائية وتروج لأفكارهم الغريبة التي رفضها الشعب فلا تجد واحداً من هذه الكائنات الفضائية نجح لحزبه أو لفكره في الانتخابات إلا القليل وهذا طبيعي فكيف ينتخب الناس كائن فضائي لا هم له إلا التنقل بين الفضائيات والتعامل مع الفضائيين أمثاله لينتج لنا أفكاراً تجرف سفينة الوطن لحافة الخطر أو قل تعيبها لتغرق أهلها جهلا منهم بعظائم الأمور وتعلقاً بما دونها
والفضائيون أمة فيما بينهم فلو تم اختيار احدهم لمكانة أو منصب لكان أفضل الاختيار وانتصارا للثورة وتعبيراً عن صوت الشعب ، ولو تم اختيار واحداً من سلالة أخرى لكان صفقة مبرمة وشبهة فساد وعودة لعصر الاستبداد
إن افتعال الازمات يجر البلاد لفوضى عارمة فلا تقدير لشيئ ولا صوت يعلو فوق صوت المصلحة فكيف لفلان أن ينتصر رأيه او اتجاهه على علان وبهذا نصل ببلادنا لخراب مستعجل نذبح بايدينا ثورتنا ونفرح أعدائنا سكان كوكب طرة والمتربصين بنا الدوائر عليهم دائرة السوء بما ظلمونا
إن افتعال الازمات لا يجر على صاحبه إلا الخسارة خسارة لشعبيته وسط الناس ثم يأس من الاصلاح على طريقته واكتئابً يصيبه بعد فترة يؤدي لهذيان خطابي مصحوب برعشة في الفك السفلي أو انتحار والعياذ بالله ، لابد للفضائيين أن يتحرروا من معتقداتهم الغريبة بان الشعب مضلل ومغيب ومضحوك عليه لأنهم هم المضحوك عليهم فلو كلف بعضهم نفسه مشقة النزول إلى الشارع كما يفعل انصار التيار الاسلامي لوجدوا فيما يعتقدون اختلافاً كبيراً ولاستطاعوا فهم ما يجري في مصر فالشارع هو من اختار شرعية البرلمان والقرب من الشارع ورجل الشارع أفضل وأولى من القرب من مقدمة برامج التوك شو التي لاتعرف عن الناس شيئا سوى ما تراه من خلف زجاج سيارتها الفخمة ذهاباً واياباً لمقرها الفضائي ، مصدرها خبر صحفي وارد ان يكون نصفه مكذوب أو فيديو على اليو تيوب لتجعل منه مادة لحلقة من الحلقات ثم نكتشف ان الجميع خدع لأن الخبر غير صحيح أو الفيديو من بلاد أخرى مثل فيديو سحب قتيل المظاهرات والقائه بالقمامة كان من اليونان وليس بمصر وليس لك أن تسأل عن الحوارات التي صارت والاعصاب التي ثارت والتصريحات العنترية من الضيوف الفضائيين والاموال المنفقة والخاسر الحقيقي هو من اتخبط في عقله وشاهد مثل هذه البرامج الفضائية لكائنات فضائية
وأخيرا
- عودوا إلينا أيها الفضائيون فان مصلحتكم ومصلحة بلادكم هنا على الارض
- إن نجاح الاسلاميين لم يكن في الوصول لأغلبية مقاعد المجلس بل نجاحهم الكبير في الوصول لقلوب الناس وعقولهم
محمد شعبان
باحث اجتماعي