بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 31 مارس 2012

ثالوث الأزمة في مصر


ثالوث الأزمة في مصر
محمد شعبان
باحث اجتماعي
ما من حدث في مصر ويستطيع المصري أن يفرح به او أن يدخل السرور على قلبه ويفتخر به كنجاح من نجاحات ثورته العظيمة ، فاذا فرح به طرف أفسد الطرف الاخر فرحته ، آخر هذه الأحداث هو انطلاق الجمعية التأسيسية للدستور والتي تواجه منذ يومها قبل الأول حرباً شعواء وقتالاً ضاريا بين مؤيديها وبين المنسحبين المعترضين عليها حتى هؤلاء المعترضين منقسمون فمنهم من اعترض على طريقة التشكيل ومنهم من اعترض على المعايير الحاكمة لعملها ومنهم من اعتر ض على أي شيء فيها جملة وتفصيلاً
في هذه الأزمة وغيرها من الأزمات يتمثل لنا دائما سبب أزمات مصر كلها وهو من رأيي ثالوث لا يتفرق عن بعضه فالجميع مرتبط ببعضهم البعض كاليد الواحدة وليس لهم إلا أن يتعاونوا مع بعضهم لا أن يتنافروا ، ففي تنافرهم شر مستطير وفي وحدتهم عبور لبر الأمان ، الثالوث هو العسكر والإسلاميين والليبراليين كل واحد فيهم يملك قوة لا يملكها الآخر ولكل منهم نفوذ لا يقدر الآخر على تخطية
فالعسكر يملكون السلطة الحقيقية والقوة الضاربة
والاسلاميون يملكون الشرعية النيابية وقوة الحشد الجماهيري
والليبراليون يملكون الاعلام وقوة الوصول لأذن وعين الجمهور ( بغض النظر عن قوة التأثير )
ومن هنا تخيل كل واحد منهم قدرته على حسم الامور لصالحة ، وستظل مشكلات مصر والمواطن العادي تتفاقم وتتضخم مادامت القوى الثلاثة متنافرة غير متعاونة .
الغريب أن القوى الثلاثة تدعي إما صنع الثورة أو حمايتها أو تفعيلها وحينما يشطح خيال أحدهم يدعي أنه هو الثورة كما أدعى من سبقوه انه أنا الشعب والشعب أنا .
العسكر يريد استكمال مسيرة الامتيازات التي تميز بها طوال الستين عاما الماضية ولا يريد التراجع عن شبر واحد من أرض مكاسبه ومن أهمها مؤسسة الرئاسة وخصوصية الميزانية وأنه فوق المحاسبة
الاسلاميون يحتمون في ناخبيهم وفي شارع هم الاقرب واقعا له وهم أكثر من يحركه ويفعله وذلك من خلال تجارب عديدة مقارنة بمحاولات اتجاهات أخرى لتفعيلة فلم يستطيعوا أن يبلغوا ربع قدرة الاسلاميين على الحشد وأقرب مثال مسيرة حازم ابو اسماعيل لتقديم أوراق ترشحه للرئاسة وما أحدثته من ضجه فلو اجتمع الفضائيون جميعهم ما استطاع مرشحيهم للرئاسة اخراج مسيرة كمسيرة ابو اسماعيل
الليبراليون وهم ملوك الاعلام وأساتذة الفضائيات بلا منازع فلا ننكر لهم الحضور الطاغي والانتشار الكثيف فهم يجاهدون عبر الفضائيات أكثر من جهاد حماس والجهاد على أرض فلسطين ، من كثرة ما عاشوا في الفضائيات صدقوا أنهم قوة لها وزن ثم حينما يصدمون في قوتهم المزعومة بضعف التمثيل أو اهمال رجل الشارع لهم يكيلون الاتهامات لعموم الشعب بالسذاجة والسطحية تارة وبالجهل وعدم الوعي تارة أخرى أو بالانسحاب من المنافسة بحجج واهية ، وآخر الأسافي ان ينادي الليبراليون دعاة الديمقراطية العسكر بحمايتهم من الاسلاميين فيكفرون بالديمقراطية التي صدعونا بها سنين كذلك الأعرابي الذي كان يعبد صنماً من العجوة فلما جاع أكله
طالما هذا الثالوث مسيطر فلا انفراج ولا انفجار للأزمة قريب سنظل في لعبة دوارة لا رابح فيها احد بل الخاسر هو مصر وشعبها واقتصادها ودورها الريادي . لا انفراج لأن كل طرف يتشبث برأيه ومكاسبه ولا انفجار لأن كل طرف يخاف من قوة الطرف الاخر التي قد لا يدرك ماذا جهز للرد عليه
القوي في هذه اللعبة هو صاحب المبادئ من ينتصر لمبدأ لا لموقف ، من لا يغير موقفه حسب بوصلة المصالح فاذا رأى مصلحته مع العسكر نادى بالاستقرار حتى ولو تحت البيادة ولو انتفت مصلحته مع العسكر يهتف يسقط يسقط حكم العسكر مع احترامنا لمن يتمسك بموقفه دون تحول من حكم العسكر .
القوى هو من يكون صاحب فعل وليس رد فعل وهنا أذكر اسماً ممن اختلف عليه كثير من الناس أحترم فيه ثباته على مبدأه واستمراره على نهج يراه هو صواباً حتى لو رآه الاخرون خطأ فهو متمسك به ويسير عليه لا ينتمي إلى الفصائل الثلاثة وليس من فرسان الفضائيات انه المناضل العمالي ذي التوجه اليساري كمال خليل اختلفت معه أو اتفقت إلا أنك لا تملك غير الاعجاب بثباته على مبداه
واخيراً
إن الحل لأزمة مصر الحالية وأزماتها المقبلة هو دور العقلاء المخلصين من يجمعون ولا يفرقون ، دور الكبار من يتعالى على سفاسف الامور ويترفع عن المناصب لا هم له إلا مصلحة مصر العليا وجمع كلمتها والسير بها إلى بناء دولة قوية تليق بتاريخها تاريخ مصر
محمد شعبان
bnshaban@gmail.com
http://mohmadshaban.blogspot.com